ندوة لتبادل الأفكار حول موضوع "الخطاب الديني في الجامعات الغربية والإسلامية"

ندوة لتبادل الأفكار حول موضوع

مساء يوم السبت بتاريخ 13 / 7/2019، وفي قاعة المؤتمرات الخاصة بالمجمع الدولي لأساتذة الجامعات المسلمين و بمشاركة عدد من الأكاديميين والمفكرين، أُقيمت ندوة حول " تحديات الخطاب الديني بين الجامعات والأماكن العامة في الدول الإسلامية وغير الإسلامية " . حيث ألقى الدكتور جوليان بيلسه (علي ياسين) ، دكتوراة في الدراسات الإسلامية من فرنسا، محاضرته لتستهل بها الندوة أعمالها .
الندوة حضرها عدد من الأساتذة من جامعات طهران والدول الإسلامية من نيجيريا والهند والسنغال وإندونيسيا وغيرها من الدول الإسلامية، وقدم الدكتور علي ياسين لمحة عامة عنه ومن ثم بدأ محاضرته التي تحدث فيها عن " نظرة عامة حول تحديات الخطاب الديني حول البيئة الفكرية الحالية في العالم الإسلامي وغير الإسلامي، حيث قال:
"اليوم، في العالم الغربي، نعيش ضمن مجتمع متعدد الآراء والأديان، وبوصفنا أفراد مهتمين بالدين، متدينين وتتشابك حياتنا مع الدين، فإن سلوكنا وقيمنا ومآكلنا ومشربنا مبتني بشكل كامل على تعاليم الدين، ولا يمكن أن نستثني أنفسنا من ذلك أبدا. الإسلام دين كامل، ومن الممكن ألا يتوافق مع بعض القضايا التي أثيرت اليوم من المادية الغربية. من الضروري أن نظهر أفكارنا ونشارك بحرية بطرح أفكارنا واعتقاداتنا".
وتابع الدكتور علي ياسين: "الخطاب هو مرحلة ما بعد العقل. الخطاب هو شيء يفوق الإيمان والمعتقدات والخبرات والإنجازات الشخصية التي توفر سياقا لفعل الأشياء. بالنظر إلى أن العالم اليوم هو عالم يميل إلى اللادينية ويشجع على اللادينية، فإن المشاركة بالخطاب هو شكر للنعمة وواجب علينا، كما انه يستغرق منا بعض الوقت".
وأضاف قائلا: "الإسلام مدرسة تريد ربط الدنيا بالآخرة، وهي وسيلة نقل وطريقة للخلاص لتحقيق الرخاء والسعادة والعمل الصالح، وينبغي التعبير عن هذا من خلال الخطاب الديني والتدين. عندما يتعلق الأمر بإطلاق خطاب معين، من الضروري أن تقوم بتحديد رسالتنا ووظائفنا بشكل دقيق، كما يجب قياس مكانة الناس وهذا التناسب مهم للغاية، بين الخطاب وتنفيذه، وكذلك تناسب الواقعية مع حامل والمكلف بتنفيذ هذه الرسالة المهمة".
وأضاف الدكتور بليسه (علي ياسين) أيضًا: "بشكل عام، لدينا فئتين من المواضيع هي االإطار الديني وخارج عن الإطار الديني. الدين الخارجي هو نقاش عقلاني. نحن نعلم أن الدين ليس مكتسبًا فكريًا تمامًا. لأن العقل صغير ونحن فقراء ولدينا عيوب عديدة. لذلك، في مناقشتنا الإطار الديني، لدينا الوحي ونستطيع الإستفادة من روايات المعصومين ونحتاج بنفس الوقت إلى استخدام أداة لحل التناقض بين قضايا دينية وقضايا خارجة . في الفئات الرئيسية للخطاب الديني، يحتل كتاب الله وعطرة النبي مكانة خاصة".
يتم تقديم نوعين من الخطاب، مناقشة تدعى "أكادميا" ، ومناقشة أخرى تدعى "أغورا". يمكن أن يكون الخطاب الفريد ل"أكادميا" عبارة عن سلسلة من المصطلحات والرموز والأساليب، ويجب أن يُقبل أن الكثير من مناقشاتها تعتبر تخصصية محضة وأن بعض المتحمسين فقط يذهبون إليها ويتعلمونها. خطاب "أغورا" علني ولا يحتاج الموافقة عليه، وكل شخص يأتي بصفته مواطن ويشارك في المناقشة، لسنا بحاجة إلى إدخال رمز وشروط معينة. التحديات والاحتياجات التي يتعين معالجتها الآن هي كيف يمكننا أن ننتقل من أكادميا ومواضيعها الخاصة في الدين إلى أغورا وخطابها العام".
تكمن أهمية هذه المشكلة في أنه، بقدر ما يكون الشخص عالماً ومتخصصا، لكن لا يوجد من يستمع إليه، فإن علمه ليس فعالًا. يجب البحث عن طريقة لإرسال أكادميا إلى أغورا. ولتحقيق ذلك، يجب استخدام التعبير العلمي وطريقة جديدة في التفكير والخطابة وفنون خاصة أخرى".
وخلال الندوة تحدث، أضاف الدكتور سعيد نظري توكلي، عضو الهيئة التدريسية بجامعة طهران: "نحن نواجه تحديًا مهمًا وهامًا، هو كيف يمكننا تحويل المفاهيم الدينية من مستويات التخصص وجمهورها الخاص إلى خطاب ديني عام يخاطب العامة، لنقترب من الجمهور العام ونقرّب لهم مفاهيم دينية الداخلي. في الجامعات، تُستخدم عادةً لغة لا يفهمها الأشخاص العاديون، وفي الواقع، تكون إجابات دينية  صعبة، ونحن بحاجة إلى مرشحات خاصة لتحويل مستوى الخبرة إلى المستوى العام وفي نفس الوقت الحفاظ على كفاءة الخطاب بالوقت ذاته".
وأضاف: "هناك حلان لهذا التحدي، الأول هو الاستفادة من تبسيط المفاهيم، والآخر هو تشبيه الملموس بالمعقول أو العكس. على سبيل المثال نصفُ عالم الآخرة للمستمع بطريقة تسمح له بفهم الميتافيزيقي العقلاني إلى المادي مفهوم بالنسبة له. مثلا، ما قيل في وصف لحدائق الجنة هو في الواقع استخدام مفاهيم ملموسة لفهم الجمهور العام. في بعض الأحيان تتطلب هذه المفاهيم استخدام المكونات العاطفية وغير المادية، وهذا يساعد عامة الناس، بالمعنى المفاهيمي العقلاني، على التعرف على الأساليب المادية. في هذه الأثناء، كلما قللنا الفجوة بين الميتافيزيقيا والفيزياء، كلما زاد الفهم والادراك لدى العامة".
وقال الأستاذ الجامعي: "في عالم اليوم والعالم الرقمي ، نحتاج إلى مجموعة متنوعة من الأدبيات لنقل المفاهيم إلى شباب اليوم ، لأن نقل المفاهيم بشكلها التقليدي غير ممكن، بالنظر إلى أن البنية التحتية التقليدية غير مقبولة لجيل اليوم. ضعف خطابنا الحالي مع الشباب مناسب في تعريف الأدب البديل. الاستخدام غير المناسب للخطاب الفني هو واحد من نقاط الضعف المنتشرة بسبب نطاقه الواسع. يعد الافتقار إلى الاستخدام السليم للفضاء الالكتروني أحد نقاط الضعف في خطابنا الموجه للشباب. لذلك ، نظرًا لحقيقة أن جيل اليوم لا يستطيع التواصل مع النصوص التقليدية، فنحن بحاجة إلى مزيد من العمل والجهد لإنشاء أدب متنوع في فضاء خطابي مع جمهورنا، والذي له مطالب مختلفة ومساحة ذهنية مختلفة عن النصوص التقليدية".
وخلال هذه الندوة، قدم الأساتذة وجهات نظرهم وآرائهم خلال التعريف عن أنفسهم أولا. والجدير بالذكر أن الدكتور جعفر عليو من نيجيريا والدكتور غلام شُبر من الهند والدكتور أمين جاسو من السنغال أساتذة جامعة المصطفى تحدثوا وألقوا محاضرات قيّمة في هذه الندوة .